هناك مقولة شائعة تفيد بأن هؤلاء الذين يملكون أنوفًا تستقيم حواجزها بشكلٍ مثاليٍ هم قلةٌ من البشر، وأحيانًا هم نادرون بيننا فكلٌ منا مهما ظهر طبيعياً وأنفه مثالي سيجد أن أنفه يحمل قليلاً من الاعوجاج والانحراف. تكمن الفكرة كلها في كون انحراف الأنف ظاهراً وملفتاً للنظر أم أنه طبيعيٌ ومدفونٌ في عمق الأنف، لكن إن ظهر انحراف الأنف فكيف ستتصرف؟ وهل بإمكانك علاج انحراف الأنف بدون عملية؟ وما هي الطرق الطبية التي يمكن اللجوء إليها لعلاج الانحراف؟ هذا ما سنتعرف عليه من تجميلي.
الفرق بين انف طبيعي وانف منحرف
الحاجز هو عبارةٌ عن عظمةٍ رقيقةٍ يعلوها ارتفاعٌ من الغضاريف، توجد من بداية بروز الأنف وتتوغل حتى ما وراء التجويف الأنفي في الجمجمة، نهايتها تستقر بالقرب من الحنجرة العليا، يوجد الحاجز بين ممري الأنف الظاهرين لنا فيفصلهما من أسفل الأنف لأعلاه ومن خارجه لداخله، تبطن طبقةٌ من الأغشية المخاطية الأنف بالكامل وتحيط بعظم وغضروف الحاجز، يعمل الحاجز على تثبيت الأنف ودعمه وإعطائه شكله البارز المميز وهو المسئول الرئيسي عن استقامة الأنف، فلو كان مستقيمًا مستويًا يستقيم الأنف ولو انحرف أو مال لأحد الجانبين أو تشوه جزءٌ منه وتحرك من مكانه يظهر انحراف الأنف، من وظائف الحاجز الأساسية كذلك هي تنظيم عملية التنفس ودخول الهواء من كلا فتحتي الأنف والمرور خلال الممرين حتى يصل للداخل، انحراف حاجز الأنف يؤدي لخللٍ في تلك الوظيفة له العديد من التبعات التي قد تؤدي للاختناق أحيانًا، فالحاجة إلى عملية تصحيح انحراف الأنف ليست جماليةً وحسب.
اسباب حدوث انحراف الانف
السبب الرئيسي لانحراف الأنف هو انحراف الحاجز بين فتحتي وممري الأنف من مكانه في المنتصف إلى إحدى الجهتين، قد يكون الانحراف طفيفًا وقد يكون شديدًا، وقد يكون داخليًا لا يظهر وقد يكون خارجيًا فيظهر على الأنف من الخارج ويصبح الشخص بحاجةٍ إلى تجميل الأنف، الانحراف إما أن يكون في العظمة أو في الغضروف أو في كليهما، عند البدء في خطوات عملية تعديل انحراف الأنف فنحن نريد أن نعرف الأسباب التي أدت لانحراف ذلك الحاجز من البداية، عند الكثيرين يولد الطفل بأنفٍ منحرفٍ بشكلٍ طبيعيٍ حدث أثناء تكون الجنين داخل بطن والدته، وفي أطفالٍ آخرين يحدث الانحراف أثناء ولادتهم بسبب لين الغضروف وسهولة انحرافه.
إن لم يولد الطفل بأنفٍ منحرف يحدث الانحراف أثناء فترة النمو، إما لسببٍ مجهولٍ وبشكلٍ طبيعي ينمو الغضروف أو عظمة الحاجز بطريقةٍ منحرفةٍ عن مسارها، وإما بسبب عاداتٍ خاطئة تؤثر على الأنف كإمساك الطفل به دائمًا بطريقةٍ خاطئة أو نومه بطريقةٍ تضغط على غضروف الأنف فيتشكل منحرفًا مع الوقت، الحوادث سببٌ آخرٌ من أسباب انحراف الأنف وليس بالضرورة أن تكون حوادث جسيمة، فأنوف الأطفال تكون غضاريفها لينةً وسهلة التشكيل وحادث ارتطامٍ بسيطٍ جدًا في الأنف قد يسبب انحرافه من مكانه ونموه بشكلٍ خاطئ، أما في الكبار فيحتاجون لحادثٍ قويٍ يستطيع أن يؤثر على العظمة والغضروف بعدما صار كيانهما صلبًا.
تأثيرات انحراف الانف
صحيحٌ أن من أكبر المشاكل التي يعاني منها أصحاب الأنف المنحرف هي المشكلة الجمالية وظهور أنوفهم بطريقةٍ غير معتدلة يسبب لهم الضيق والحرج ويجعل من عملية انحراف الانف واحدةً من أهم عمليات تجميل الوجه عامةً، إلا أن انحراف الأنف قد يسبب مشاكل تتجاوز المظهر الخارجي وحسب.
من أكبر المشاكل هو مشكلة التنفس لأن انحراف الحاجز يؤدي للضغط على أحد ممري الأنف أو تضييقه وأحيانًا جعله بلا فائدةٍ تمامًا، ويظل التركيز كله على الممر الآخر وهو ما يؤدي لجفافه وظهور نزيفٍ مستمرٍ فيه، أحيانًا يصعب على الشخص التنفس بشكلٍ طبيعيٍ فيتنفس بصوتٍ مرتفعٍ أو يصبح مدركًا وواعيًا لعملية التنفس طوال الوقت بسبب صعوبتها، يطور بعض الأشخاص لا إراديًا عادةً سيئةً وهي التنفس عبر أفواههم لفشلهم من التنفس السليم من أنوفهم، الأنف ينقي الهواء ويزيل منه الأتربة والميكروبات ويجعله دافئًا ورطبًا قبل وصوله لداخل الجسم وهو ما لا يفعله الفم، يدخل الهواء وشوائبه باردًا ويؤثر على الحلق والجهاز التنفسي على المدى البعيد.
يعاني هؤلاء الأشخاص من جفاف الفم الدائم والتهاب الحلق المزمن خاصةً في الشتاء أو أثناء النوم وقد يتطور الأمر لالتهابٍ في الرئتين، ومن الأكيد أن هؤلاء الأشخاص هم أكثر المعرضين للشخير أثناء نومهم وفي الحالات المتقدمة يصابون بنوبات اختناق أثناء النوم ويصبح النوم بالنسبة لهم عمليةً مستحيلة تؤثر على دورة حياتهم بأكملها.
يكون انحراف الأنف أحيانًا أكثر عمقًا مما يتسبب في مشاكل صحيةٍ أخطر مثل ظهور أورامٍ في الأنف أو تورم غددٍ فيه أو التهاب الأغشية المخاطية المبطنة له، وكثيرًا ما يعاني هؤلاء الأشخاص من التهاب الجيوب الأنفية المزمن وصداع وتأثيره الدائم على تركيزهم ونشاطاتهم اليومية ما يجعل عملية تعديل انحراف الأنف ضرورية.
كما ذكرنا أنه ليس من الضرورة أن يكون انحراف الأنف ظاهرا من الخارج ولكن هناك العديد من الأعراض التي تدل على وجود انحراف منها:
استخدام الفيلر
تتعد الوسائل وطرق علاج انحراف الانف بحسب الحالة و درجة الانحراف ومن هذه الطرق:
الكثيرون ينفرون من فكرة العملية الجراحية خاصةً إن كانت مشكلة انحراف أنوفهم مشكلةً جماليةً وحسب ولا تؤثر على صحتهم كثيرًا، أو على الأقل لا تؤثر بشكلٍ خطير على عملية التنفس فتجدهم لا يحبذون الخضوع لمشرط الجراح وغرفة العمليات الجراحية أو لا يستطيعون تحمل تكلفة عملية انحراف الأنف، لكن ظهرت حلولٌ أخرى ساعدت هؤلاء على تجميل شكل أنوفهم والظهور بها وكأنها طبيعيةٌ تمامًا لا يشوبها شائبة، كان الفيلر واحدًا من أهم تلك الحلول على الإطلاق وأكثرها فاعلية، الفيلر عبارةٌ عن مزيجٍ من مواد طبيعية تنقسم لعدة أنواعٍ مختلفة.
النوع الأشهر منها يتكون من حمض الهيالويورينيك والكولاجين ومشتقاته، وبعض الأنواع الأخرى تتكون من خلايا دهنية في محاولةٍ لزيادة لزوجة وقوام الفيلر لجعله أكثر ثباتًا وأطول عمرًا وإعطائه قابليةً أعلى للتشكيل في المكان المحدد، لا يحمل الفيلر أي مخاطر تقريبًا ولا يؤثر بالسلب على الأنف، كل ما في الأمر أن الطبيب يقوم بحقن الفيلر في جانب الأنف الخاوي أو الذي يظهر فارغًا بسبب انحراف الحاجز للجانب الآخر حتى يصبح الجانبان متساويان في الحجم والبروز، هذه الطريقة لا تحتاج سوى لعشرة دقائق وحقنةٍ مخصصةٍ وحسب، لا حاجة للترتيبات والتجهيزات وفترة النقاهة ولا مجال للشعور بالألم، كما أن تكلفتها تعتبر منخفضةً بشدة بالنسبة إلى عملية الانحراف في الأنف الجراحية.
استخدام الليزر في علاج انحراف الانف
انتشرت مؤخرًا عمليات تجميل الانف بالليزر وهو ما يشوبه بعض الحيرة ويتخلله الكثير من الجدل بسبب قلة الدراسات التي تعرضت لهذا الموضوع وأيضًا بسبب خواص الليزر والتي تجعل الناس يتساءلون عن الكيفية التي سيساعد فيها في تجميل وتشكيل انحراف الأنف ومشاكله، الحقيقة هو أن الليزر وحده حتى الآن عاجزٌ عن القيام بعمليةٍ تجميليةٍ كاملة لعلاج انحراف الأنف وتغييره من الشكل المشوه وغير المتناسق إلى شكلٍ طبيعي، لكنه يدخل مساعدًا في كثيرٍ من الأحيان في العمليات الجراحية مثل استخدامه لإحداث الشقوق الجراحية بدلًا من المشرط.
أهميته هنا هو أن الليزر يحفز الكولاجين والخلايا في الأنسجة ويساعد الجروح على الالتئام، لذلك فإن استخدامه لإحداث الشق الجراحي داخل الأنف اللازم لأجل عملية تصحيح انحراف الأنف سيضمن ألا يحدث نزيفٌ البتة من ذلك الشق وسيلتئم بسرعةٍ ملحوظةٍ بعد الانتهاء من العملية، الاستخدام الآخر الذي قد يقدم يد العون لمن يعانون من انحراف الأنف هو مساهمة الليزر في علاج بعض المشاكل التي سببها الإنحراف مثل أن بإمكانه التغلب على أي تورمات تظهر للغدد الدهنية الموجودة في الأنف، وأحيانًا بإمكانه المساعدة في علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن أو إزالة اللحمية عبر الأنف.
لا تختلف تقنية العلاج في جراحة تقويم الحاجز الأنفي عند استخدام المنظار، كل ما في الأمر أن المنظار يوفر خاصية تصوير دقيق لتجويف الأنف ويقلل من حجم التدخل الجراحي، ولكن في دراسة أجريت لتقييم الفرق بين الجراحة التقليدية للعلاج و علاج انحراف الحاجز الأنفي بالمنظار وجد أن معدل رضا الأشخاص عن النتائج يصل إلى 87.5% باستخدام التنظير بالمقارنة ب 71.4% في الجراحة الكلاسيكية، والمفاجأة أن معدل المضاعفات والاحتياج لجراحة أخرى للتعديل كان منخفضا للغاية أقرب إلى 0%، أما عن الجراحة العادية وصل معدل المضاعفات إلى 14.3% والاحتياج لعملية المراجعة للتصحيح حوالي 7.1%، ولكن وجد أن عملية علاج انحراف الحاجز الأنفي بالمنظار تحتاج إلى وقت أطول كما أنها أعلى في التكلفة.
يمنح التحكم بالمنظار خلال عملية تصحيح الأنف ورأب الحاجز الأنفي مجال رؤية أوسع مما يعطي نتائج أفضل في استئصال العظام والغضاريف بدقة شديدة مع خاصية مراقبة الشاشة والتكبير، على الرغم من كونها إجراء جراحي غير مفتوح ولكنها تسمح للطبيب برؤية أفضل للهيكل العظمي للأنف والحاجز الأنفي ومعرفة سبب التشوه.
طرق اخري لتصحيح انحراف الانف
كلما قل انحراف الأنف وقلت المشاكل الناتجة عنه كلما كان علاجه وتعديله أكثر سرعةً وبساطة، مثل أن الطفل الصغير يمكن تعديل انحراف أنفه عبر جبيرةٍ أو ملقطٍ مخصص يتم ربط غضروف الأنف اللين به بعد التأكد من أنه لن يؤثر على عملية التنفس ومع الوقت يعتدل الأنف، أوجد بعض الخبراء وسائل كهذه للكبار مثل ملاقط بلاستيكية أو معدنية لها أربعة أطراف طرفان يحيطان بالأنف من الخارج وطرفان يدخلان ممري الأنف ويحيطان بالحاجز ويضغطان عليه، يتم ارتداء تلك الملاقط لمدة 20 دقيقة يوميًا ويُقال أنه مع الاستمرار عليها يبدأ انحراف الأنف في الاعتدال.
ظهرت وسائل أخرى بسيطة، بالطبع تحتاج تلك الوسائل إلى انحرافٍ بسيطٍ في الأنف لتعطي تأثيرًا أما الانحرافات القوية والجذرية لن تتأثر، نذكر منها:
اليوجا وتصحيح انحراف الانف
اكتسب فن اليوجا شعبية كبيرة خلال السنين الماضية كوسيلة طبيعية للاسترخاء وتقليل الآلام المزمنة وزيادة المرونة، يلجأ الآن مرضى انحراف الحاجز الأنفي لتمارين اليوجا حيث تساعد بعض الوضعيات على تحسين الانسداد الأنفي وتحسين وظائف التنفس، لا يوجد أي دليل علمي على علاج اليوجا لانحراف الحاجز الأنفي فهو أولا وأخيرا تشوه لا يمكن علاجه من تلقاء نفسه، ولكن يمكن أن توفر اليوجا راحة من الأعراض المزعجة ولو بشكل مؤقت.