أفضل قرار اتخذته في حياتي
في مُقتبل رحلة زراعة الشعر يبحث المرضى عادةً عن تجارب حقيقية مُفصلة تصف كل مرحلةٍ من مراحل هذه الرحلة، بصورةٍ تجعلهم يُعايشون أحداث التجربة كاملةً منذ بدايتها وحتى نهايتها، ويقفون على كافة محطاتها، وفقاً لجدولٍ زمنيٍ دقيق قد يمتدُّ إلى عامٍ كاملٍ في بعض الأحيان.
وتنطلق أولى تلك الخطوات عادةً من لحظة البحث عن المركز الطبي أو الطبيب ذو السمعة الجيدة، والمهارة العالية، ثم مروراً بكافة تفاصيل السياحة العلاجية، وما تتضمنه من تنقلاتٍ وإقامةٍ ونُزهاتٍ وتذاكر طيران، تتخللها تفاصيل العملية الجراحية، والتقنيات المٌستخدمة في إجرائها، وفترة التعافي، وانتهاءً بالنتائج التي يحصل عليها المريض في نهاية المطاف، والتي تُمثّل ثمرة هذه الرحلة الشاقة.
وفي هذه التجربة الفريدة يسرّنا أن نستعرض معك - عزيزي القارئ - رحلة مريضٍ استقرت به الرحالُ في أحد مراكز زراعة الشعر بمدينة اسطنبول، بحثاً عن حلٍ نهائي وفعال لمشكلة الصلع الوراثي، من خلال أحدث التقنيات في مجال زراعة الشعر، بعد أن بات هذا المجال سمةً مميزةً للقطاع الصحي في العاصمة التركيّة، وهو ما أهّلها لتُصبح وجهةً عالميةً، وعلامةً رائدةً في تقديم مثل هذا النوع من العمليات، تابعونا لتعرفوا القصة كاملةً.
مرحلة ما قبل عملية زراعة الشعر:
بادِئ ذِي بدِئ؛ يروي المريض ذو الـ 31 عاماً تجربتهُ فيقول:" لازلت أذكر تماماً كيف بدأ شعري بالانحسار تدريجياً منذ عُمرٍ مُبكّر، عانيت من الصلع مُذ كان عُمري 21 عاماً، وهو ما أفقدني ثقتي بنفسي، ودفعني لتجربة العديد من الحلول غير المُجدية مثل ارتداء القبعات، أو ألياف الكيراتين ( Follicool) لزيادة كثافة الشعر، أو البخاخات الموضعية ( Finasteride) ذات المفعول المحدود أثراً ووقتاً، كل هذا شجعني في النهاية على اتخاذ القرار بإجراء عملية زراعة الشعر.
عند التفكير في الوجهة القادمة، كانت مدينة اسطنبول هي أول ما طرأ على ذهني وقتها، فالأمر ليس مُقتصراً على مدى جودة التقنيات وتطورها، ومهارة الأطباء في إجرائها فحسب، وإنما كانت التكلفة الاقتصادية دافعاً مُهماً كذلك، وهو ما وفّر عليّ الكثير من النفقات، ومنحني الفرصة لقضاء عُطلة نهاية أسبوع مُميزة في شوارع المدينة العريقة ومزاراتها السياحية، لذا لم أتردد في حزم حقائبي والمُضيّ قُدماً صوب وجهتي.
خلال عملية زراعة الشعر:
بمجرد وصولي إلى المستشفى، تم اصطحابي لمقابلة الطبيب المسؤول عن إجراء الجراحة، بهدف إجراء محادثة قصيرة وشرح إجراءات العملية وتعليماتها ورسم خط الشعر. وبعد الفراغ من تلك الخطوة اصطحبتني الممرضة إلى الطابق العلوي، ثم قامت مُساعدة الطبيب بحلق وغسل فروة رأسي وتجفيفها بعناية.
بعد الانتهاء من الغسيل، حصلتُ من خلال الطبيب على قرصٍ مهدئٍ ساهم في إرخاء أعصابي، لتصطحبتني المُمرضة بعد برهةٍ إلى غرفة التخدير. بعد ذلك بدأت العملية وكان الأمر سهلاً ولم أشعر بأيّ ألم بالغ، كل ما شعرت به حينها هو القليل من وخز الإبر على فتراتٍ زمنيةٍ مُتباعدة.
بدأ طبيبي باستخراج ما يقربُ من 4300 بصيلة، ثم أخضعني لجرعةٍ من العلاج بالمضادات الحيوية بالتقطير، استغرقت حوالي 20 دقيقة تقريباً، بهدف تفادي الإصابة بأي عدوى جلدية، ومن ثم شرع الطبيب بفتح قنوات البصيلات، لتبدأ بعدها عملية غرسها واحدةً تلو الأخرى على مدار 3 ساعاتٍ مُتواصلة، على يد طبيبي واثنتان من الطاقم الطبيّ المُساعد.
سارت الجراحة على ما يرام تماماً، وكانت التجربة الإجمالية ممتازة، حيث لم أشعر بأي ألم بعدها على الإطلاق، وقد ساعدت العصابة الملفوفة حول رأسي في تقليل فُرص التورم. كان الإحساس الوحيد المُزعج حينها هو الشعور بالحكة، لكنه ظل مُحتملاً إلى حدّ كبير. وقد ساعدني مُسكن الباراسيتامول على النوم بشكلٍ مريح تلك الليلة.
في اليوم الثاني لإجراء العملية، فحص الطبيب الشعر المزروع. وفي اليوم الثالث ذهبت إلى غرف الاستشارة مرة أخرى لإزالة الضمادات وغسل الشعر للمرّة الأولى، مع شرحٍ مُفصّل لكيفيّة القيام بها منزلياً بشكل سليمٍ وآمن، وهو ما أشعرني بالكثير من الانتعاش، أما في اليوم الرابع فقد كان بإمكاني تكرار تجربة غسيل الشعر لمرتين. وبشكل عام، كانت تجربتي مع الجراحة رائعة.
خلال رحلة العودة من تُركيا، كانت رأسي الحليقة مُكتنزةً بالأسئلة والمخاوف حول مدى أمان الجراحة والآثار الجانبية المُحتملة، وقابلية التعرض للعدوى الجلدية، لكن كانت الأعراض الجانبيةُ ضئيلةً جداً أمام مخاوفي تلك.
خلال الأسبوع الأول من زراعة الشعر كان عليّ قضاء فترة نقاهةٍ في المنزل، شعرت خلالها ببعض الآلام الطفيفة، الوخز، الحكة، الصداع العرضي، وكذلك ببعض الحرّ كما لو أنني مُصابٌ بالحمى الطفيفة، لكن ذلك لم يكن حقيقياً. وقد كانت أقراص البنادول كافيةً للتقليل من هذا الشّعور. لكن هذه الأعراض كانت كفيلةً بمنحي نوماً سيئاً لمدة 5 ليالٍ تقريباً، ثم ما لبث نومي أن بدأ بالتحسن.
بعد مُرور 6 أشهرٍ على عملية زراعة الشعر
ومع انقضاء آخر أيام الأشهر الـ 6 الأولى على إجراء عملية زراعة الشعر، لاحظت مع مرور الأيام كيف اختفى تساقط الشعر بصورةٍ ملحوظة، وكيف بدا شعري أفضل بنسبة 100٪ مما كان عليه في السابق، حيث ازدادت مُعدلات نُموه، وتضاعفت كثافته بصورةٍ ملحوظة، وهو ما منحني ثقةً أكبر بنفسي ومظهري.
على الرغم من أن الأمر استغرق ما يقربُ من نصفِ عامٍ لرؤية نتائج عملية زرع الشعر، إلا راضٍ بنسبة 100٪ عن هذه النتائج، فقد كان الأمر يستحق ذلك الجهد والعناء والوقت. فالسفر إلى تركيا، وافتقادي إلى الراحة في الأيام القليلة الأولى، مروراً بالمظهر المُزعج خلال الأشهر الأولى بعد العملية، لكن على الرغم من كل هذا، فأنا أعتبر نفسي سعيد الحظ إذ تمكنت من إجراء هذا النوع من الجراحة.
وبطبيعة الحال، لم تخلوا هذه النتائج من المُنغصات، فخلال الأشهر الأولى من إجراء عملية زراعة الشعر لاحظتُ كيف بدأت فروة رأسي بالتقشر، كما أنها باتت أكثر جفافاً، وخاصةً في ظل القيام بغسله مرتين يومياً. لكن الأعصاب في الجزء المزروع بدأت في الالتئام، ومعها بدأ الإحساس بالخدر في الاختفاء تدريجياً.
خلال الستة أشهر الأولى حرصت على تطبيق نصيحة الطبيب بتدليك المنطقة المزروعة برفق، بعد حوالي 20 دقيقة من دهان كريم (Panthenol و Sebamed) وفركه بصورةٍ دائرية، ولم أقلق كثيراً حيال تساقط الشعر الغزير خلال الأشهر الأولى من العملية، حيث عاد للنموّ مًجدداً بمُعدل 30-40٪ تقريباً في غضونِ شهرٍ واحدٍ فقط.
بعد مرور عامٍ على عملية زراعة الشعر:
عامٌ كاملٌ مرّ على إجرائي لعملية زراعة الشعر في تركيا، انقضى الوقت سريعًا جدًا، وكانت العملية ناجحةً بشكلٍ مُذهل يفوق توقعاتي، لم أشعر بأي ندم على الإطلاق بشأن إجراء العملية، فقد كانت ناجحةً بشكل مذهل.
بدأت في ملاحظة زيادة كثافة الشعر بدايةً من الشهر الخامس لإجراء الجراحة، ومن ثم بدأ مظهر شعري في التحسن شيئاً فشيئاً. قُبيل عملية زراعة الشعر، أصبح النظر إلى المرآة أمراً مؤرقاً، وكان شعور الرضا يغيب دائماً عند تأمل مظهري، أما اليوم فيمكنني القول بأنني بتُّ مرتاح البال، وبات مظهر وجهي أصغر سناً بشكلٍ طبيعيٍّ للغاية. لقد ساعدتني عملية زراعة الشعر على استعادة ثقتي بنفسي لأوّل مرةٍ مُنذ ما يزيد عن 10 سنوات.
بعد خوضي لهذه التجربة، أنصح كل من يعاني من الصلع الوراثي ويفتقر إلى الثقة بنفسه أن يفعلها، دون الخوف من طول فترة الانتظار، أو القلق بشأن السفر، فالتجربة بأكملها كانت بمثابة استثمارٍ حقيقيّ، كما أن الإقامة في تركيا لبعض الأيام سوف تتيح لك إمكانية التعرف على ثقافاتٍ جديدة، وتجربة ألذّ أنواع الأطعمة، وقضاء بعض الوقت في هدوء على مضيق البوسفور الرائع.
كما سوف يساعدك التحضير المُسبق لخدمات الترجمة، سواءً كانت الترجمة الالكترونية أم المترجم الشخصي في تسهيل التواصل بينك وبين الطاقم الطبي، واليوم يمكنني القول بكلّ ثقة، لو عاد بي الزمن إلى الوراء كنت سأجري عملية زراعة الشعر مرة أخرى بنسبة 100٪".
وأخيراً، إن كنت من المُهتمين بإجراء عملية زراعة الشعر، فاحرص - عزيزي القارئ - على السؤال جيداً عن كل خباياها، والتعرف على كافة التفاصيل المُتعلقة بها، والاطلاع على العديد من التجارب الإيجابية والسلبية، بهدف رسم تصوراتٍ واقعية عن هذه الجراحة. ولا تتردد في النقاش مع طبيبك حول كل ما قد يدور بذهنك من أسئلةٍ ومخاوف، من أجل تحديد ما إن كانت ثمار هذه التجربة كفيلةً بتحمل العناءِ أم لا.