أسباب تحول عمليات التجميل من ضرورة إلى موضة
ترجع أول إشارة في السجلات التاريخية لإجراء عملية جراحية بغرض التجميل وليس العلاج إلى نصوص كتبت في وقت ما من عمر الدولة الفرعونية القديمة ما بين 3000 إلى 2500 قبل الميلاد، حيث تشرح تلك النصوص إجراء عملية لترميم أنف مكسور لشخصية مجهولة يُرجح أنه كسر في إحدى العمليات الحربية، كما عرف الهنود، والصينيون والعرب أشكالاً متعددة من عمليات التجميل.
لفترة طويلة بقيت عمليات التجميل تنحصر في إصلاح أو إخفاء أو حتى التقليل من الضرر الذي أصاب أحد أعضاء الجسم الظاهرة نتيجة مرض أو حادثة أو غير ذلك من العوامل التي تؤدي إلى تشوه العضو، التحول الكبير حدث فقط في بدايات القرن العشرين الذي شهد للمرة الأولى انتقال الغرض من عمليات التجميل من إصلاح الأضرار التي أصابت أعضاء الجسم إلى محاولات حثيثة لزيادة كمال الأعضاء السليمة بالفعل من الناحية الجمالية.
التحول التدريجي في أسباب عمليات التجميل
كما أسلفنا، فإن الغرض الأولي لعمليات التجميل كان إصلاح الأضرار التي تصيب الأعضاء الخارجية من الجسم، في خطوة لاحقة، كانت عمليات التجميل تُجرى أيضاً لإصلاح العيوب الخلقية، كوجود الزوائد الجلدية أو التشوهات الخلقية أو الأطراف الزائدة أو غير ذلك من العيوب التي كان الإنسان يولد بها وتؤدي إلى تشوه أحد الأعضاء الظاهرة، في مرحلة تالية وبشكل تدريجي، كانت عمليات التجميل تُجرى لأسباب أقل إلحاحاً، مثل كبر حجم الأنف، أو الأذنين وغير ذلك من العيوب البسيطة التي لا تؤثر على كفاءة الأعضاء في أداء وظيفتها أو حتى على المظهر الجمالي العام كثيراً.
أما في المرحلة الأخيرة التي بدأت مع دخول القرن العشرين وبلغت أوجها في منتصفه، كان من العادي جداً إجراء جراحات تجميل لأشخاص يتمتعون بصحة جيدة، ومظهر مقبول فقط للحصول على مظهر أكثر كمالاً، أو الوصول إلى مظهر معين يريده الشخص لنفسه بدلاً من شكله الحالي.
الأسباب الكامنة وراء تغيُر الغاية من إجراء عمليات التجميل
يمكننا في النقاط التالية إبراز أهم العوامل التي أدت إلى تغير أسباب عمليات التجميل من مجرد إصلاح الأضرار إلى ما يمكن أن نسميه موضة بين قطاعات عريضة من الأشخاص:
تطور تقنيات الطب بشكل كبير
يعتبر هذا العامل هو العامل الأساسي في تحول أسباب عمليات التجميل إلى أسباب أقل إلحاحاً، فمع تطور التقنيات وكذلك ظهور أساليب تقلل مخاطر هذه العمليات إلى أدنى حد ممكن، مثل اكتشاف المطهرات والمعقمات ووسائل التشخيص مثل الأشعة وأجهزة الفحص، وكذلك اكتشاف بنج التخدير الذي مكن الأطباء للمرة الأولى من إجراء الجراحات بدون ألم على الإطلاق، مع كل هذه العوامل أصبح من الممكن إجراء الكثير من هذه العمليات بشكل أسهل كثيراً من الماضي.
ومن الجدير بالذكر أن إجراء العمليات الجراحية، حتى البسيط منها، قبل القرن العشرين كان محفوفاً بمخاطر كثيرة منها حدوث الإلتهابات والعدوى والغرغرينا وغيرها، والتي كانت في غالبية الحالات تؤدي إلى وفاة المريض، لم يتغير الأمر إلا بعد انتشار استعمال طرق التعقيم الحديثة مثل الفينول والكحول والتعقيم بالبخار والتعقيم باللهب.
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
إنتشار ثقافة الإهتمام والعناية بالجسد والمظهر
نتيجة لظهور السينما والتلفاز وانتشار الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام التي أصبحت تقدم صورة نمطية عن الرجل الوسيم والمرأة الجميلة عن طريق استعراض أجسام الممثلين والعارضين والمغنيين والرياضيين، مما دفع قطاعات عريضة من الناس إلى محاولة تجميل أجسامهم للوصول إلى هذه الصورة المثالية التي يرونها من حولهم على الدوام.
يعتبر هذا العامل أحد الدوافع الرئيسية في تحول أسباب عمليات التجميل من علاج التشوهات إلى تجميل الجسد الطبيعي الخالي من العيوب.
كشفت إحصائية أعدتها الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل أن عدد جراحات التجميل في الولايات المتحدة في 2015 قد بلغ أكثر من 1.7 مليون عملية، منها حوالي 280 ألف عملية لتكبير الثدي، وحوالي 222 ألف عملية لشفط الدهون، وحوالي 217 ألف عملية لتصغير وتجميل الأنف، وحوالي 203 ألف عملية لتجميل الأجفان، وحوالي 128 ألف عملية لشد البطن.
إرتفاع مستويات المعيشة
حيث لم يعد اهتمام الناس محصوراً بتوفير الطعام والشراب والمأوى، بل برزت اهتمامات كانت تعتبر ثانوية في ما مضى، مثل الإهتمام بشكل الجسم والمظهر، ومن الملاحظ أن معدل إجراء جراحات التجميل يتناسب بشكل طردي مع مستوى الدخل.
تقدر الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل تكلفة العمليات الجراحية التجميلية التي أجراها الأمريكيون في 2011 بـ 10 مليارات دولار.
عمليات التجميل وسوق العمل
بروز أهمية المظهر في الحصول على وظائف في مجالات مربحة بشدة مثل العمل في التمثيل أو الدعاية والإعلان أو عرض الأزياء، أو حتى في وظائف عادية لا علاقة لها بالمظهر، لكن المظهر المثالي فيها يعتبر واحداً من عوامل النجاح والترقي.
أسباب عمليات التجميل الأكثر شيوعاً
تستأثر النساء بنسبة 90% من إجمالي عمليات التجميل التي تجرى حول العالم، وهذا أمر متوقع بالنظر إلى الاعتبارات الثقافية التي تعلي من شأن الجمال بالنسبة للمرأة، وبدون الأخذ في الاعتبار عمليات التجميل التي تجرى لعلاج آثار الحروق والتشوهات الخلقية والحوادث والإصابات، تعتبر الأسباب التالية هي أكثر أسباب عمليات التجميل شيوعاً حول العالم.
- جراحات تكبير الثدي: تجرى هذه الجراحة الشائعة جداً لزيادة حجم الثدي لدى السيدات من أجل إظهار جمالهن وتعزيز ثقتهن بنفسهن، يتم إجراء الجراحة عن طريق إحداث شق أسفل الثدي أو أعلاه وإدخال الحشو الذي قد يكون مادة السيليكون أو البوتوكس أو المحاليل الملحية، أيضاً قد تجرى جراحات شبيهة لشد الثدي أو إخفاء ترهلاته.
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
- جراحات شفط الدهون: تعتبر هذه الجراحة شائعة جداً بين كلاً من النساء والرجال، ويصفها الأطباء لحالات السمنة المفرطة المستعصية بعد تجربة الحلول البديلة التي تشمل الحمية والتمارين الرياضية والأدوية التي تقلل الشهية أو التي تزيد من معدلات الأيض، وكذلك من الممكن التفكير في هذا الحل كحل أخير بعد تجربة جراحات تدبيس وتحويل مسار المعدة، تعتبر هذه العمليات مثيرة للجدل بين الأطباء حول جدواها في إنقاص الوزن على المدى البعيد.
- جراحات تصغير وتجميل الأنف: لا يرضى الكثير من الأشخاص عن حجم أو شكل أنوفهم، فالأنف الكبير أو المفلطح يعتبر من علامات القبح، لذلك تعتبر هذه العملية من عمليات التجميل المطلوبة بشدة لكلاً من النساء والرجال.
- جراحات تكبير وتجميل الشفتين: برزت موضة الشفة المليئة في السنوات الأخيرة كمظهر من مظاهر الأنوثة، لذلك ترغب الكثير من النساء في إجراء هذه الجراحة المشابهة لجراحة تكبير الثدي، للحصول على شفة مليئة وجميلة.
- جراحات إزالة الترهلات والتجاعيد: بعد الحمل أو مع تقدم العمر يصاب الجسد أو مناطق معينة فيه بالترهل والتجاعيد، هذه الجراحة تهدف إلى شد الجلد وإزالة أو إخفاء آثار الحمل أو العمر بشكل نهائي، يتم إجراء هذه الجراحة في حالة عدم نجاح الأساليب الطبيعية أو الدوائية في علاج المشكلة.
- جراحات إزالة الشعر بالليزر: هذه الجراحة تعتبر ضمن جراحات التجميل، وفيها يخضع الشخص إلى عدة جلسات يقوم فيها بالتعرض إلى كمية محددة من أشعة الليزر للتخلص من نمو الشعر نهائياً في مناطق معينة من الجسم، تعتبر هذه الجراحة بديلاً عن طرق إزالة الشعر التقليدية.