الجراحة التجميلية واضطراب تشوه الجسم: التعامل مع العلاقة المعقدة
تستهدف الجراحة التجميلية تحسين المظهر الخارجي للجسم من خلال إجراء عمليات جراحية. تعتبر هذه الإجراءات متعددة الاختصاصات وتشمل تعديلات الوجه والجسم والثدي والأنف والشفاه والعيون، بالإضافة إلى الجراحة التجميلية الترميمية التي تهدف لإعادة بناء الأجزاء المصابة نتيجة لحوادث أو تشوهات ولادية.
تتعامل الجراحة التجميلية مع العديد من الاضطرابات النفسية والعقلية التي يمكن أن تؤثر على العلاقة المعقدة بين الفرد وجسده. تعتبر اضطرابات تشوه الجسم، مثل اضطراب الاضطراب الوجهي الجسدي (BDD)، أحد التحديات النفسية التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من تشوهات جسدية، والتي قد تصنف على أنها غير طبيعية أو غير مقبولة بالنسبة لهم. ويعاني الأشخاص المصابون بـ BDD من انشغال مستمر وتوتر شديد بشأن مظهرهم الجسدي، وقد يلجؤون إلى الجراحة التجميلية للتخلص من التوتر والقلق. يعتبر انتشار اضطراب تشوه الجسم أمرًا شائعًا، ويمكن أن يؤثر على الأفراد في جميع الأعمار وكلا الجنسين. وفقًا للدراسات، يصاب حوالي 1-2٪ من السكان بـ BDD. وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة للإصابة بهذا الاضطراب غير معروفة، إلا أن العوامل الوراثية والبيئية والعقلية قد تلعب دورًا في تطوره.
فهم اضطراب تشوه الجسم:
يعد اضطراب تشوه الجسم (BDD) اضطراب نفسي يتميز بتشوه التصور الذاتي للفرد، حيث يعتقد المصاب أن جزءًا من جسده يعاني من عيب أو تشوه شديد، على الرغم من عدم وجود عيب حقيقي أو تشوه ظاهر. يعيش الأفراد المصابون بـ BDD في حالة من الانشغال المستمر والتوتر الشديد بشأن مظهرهم الجسدي، مما يؤثر سلبًا على نواحي حياتهم اليومية والعلاقات الاجتماعية. يتجلى اضطراب تشوه الجسم في أعراض نفسية وسلوكية محددة. يشمل هذه الأعراض:
- الانشغال المستمر: يكون المصاب مشغولًا بشكل متواصل بالتفكير في تشوهات مفترضة في جسمه، ويقضي وقتًا طويلاً في الفحص والمراجعة المستمرة للعيوب المفترضة.
- القلق والتوتر الشديد: يعاني المصاب بـ BDD من قلق مستمر وتوتر شديد بشأن مظهره الجسدي، ويشعر بالتشاؤم والإحباط بسبب عدم القدرة على تحقيق المظهر المثالي المتوقع.
- الانطوائية: يميل المصاب بـ BDD إلى الانعزال وتجنب الأنشطة الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية بسبب الخجل والعار المتصاحبين للتصور المشوه لمظهره.
- البحث المفرط عن التأكيد والاطمئنان: يلجأ المصاب بـ BDD إلى الاستفسار المتكرر والتأكد من مظهره الجسدي من خلال استشارة الأطباء أو طلب آراء الآخرين، ولكنه يعاني من عدم الرضا الدائم والشعور بالقلق وعدم الارتياح.
يلاحظ، أن الدعم النفسي والاجتماعي مفيدًا للأفراد المصابين بـ BDD. يمكن للمجموعات الدعم والمشاركة في مناقشات مع أشخاص آخرين يعانون من نفس المشاكل أن توفر بيئة آمنة للتعبير والتعاون، حيث أن فهم اضطراب تشوه الجسم (BDD) يتطلب التعرف على الأعراض و التصور المشوه للجسم الذي يعاني منه المصابون. من خلال العلاج النفسي المناسب، يمكن تقليل التأثير السلبي لهذا الاضطراب وتحسين جودة حياة المصابين.
اقرأ أيضًا: كيف تعزز عمليات التجميل الثقة بالنفس؟
تحديات التعامل مع مرضى التشوه الجسدي (BDD)
تتعامل علاقة اضطراب التشوه الجسدي (BDD) والجراحة التجميلية مع تحديات معقدة. فالأشخاص الذين يعانون من BDD يعتقدون أن هناك تشوهًا في مظهرهم الجسدي بغض النظر عن الوجه الحقيقي لـ مظهرهم. يميلون إلى التفكير المتواصل في العيوب المفترضة ويشعرون بالقلق والتوتر الشديد بشأن مظهرهم. في بعض الحالات، يلجؤون إلى الجراحة التجميلية في محاولة لتصحيح هذه العيوب المتصورة.
مع ذلك، يواجه المرضى الذين يعانون من BDD تحديات كبيرة فيما يتعلق بالجراحة التجميلية. فمن الصعب على هؤلاء المرضى توصيف العيوب التي يرونها في أنفسهم بشكل دقيق للجراح، حيث يعتقدون أن هناك تشوهًا كبيرًا في مظهرهم بينما لا يراه الآخرون. تضاف إلى ذلك، فإن العمليات التجميلية ليست دائمًا الحل الأمثل لهؤلاء المرضى، حيث أن المشكلة الجوهرية تكمن في تصوّرهم المشوه للجسم وليس في الواقع الظاهر.
للجراحين، تواجههم تحديات في التعامل مع هؤلاء المرضى. فهم يحتاجون إلى فهم الطبيعة النفسية والعاطفية لـ BDD والتعرف على أعراضه وتأثيرها على تصميم العلاج. يجب على الجراحين أن يكونوا حساسين لمخاوف المرضى وأن يتعاونوا معهم بشكل وثيق لتحديد الخيارات الأمثل للعلاج.
تحتاج المعالجة لهؤلاء المرضى والجراحين إلى نهج متعدد التخصصات. ينبغي أن يكون الجراحون على دراية بالاضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بـ BDD وأن يتعاونوا مع أخصائي الصحة النفسية لتقييم المرضى وتقديم الدعم النفسي المناسب. يمكن أن يكون العلاج النفسي المعرفي-السلوكي (CBT) فعالًا في تحسين حالة المرضى ومساعدتهم في التغلب على التصور المشوه للجسم.
علاوة على ذلك، ينبغي على الجراحين أن يكونوا صادقين وواضحين مع المرضى بشأن توقعات الجراحة التجميلية ومدى قدرته على التحسن. يجب أن يتم توجيه المرضى نحو العلاج النفسي قبل النظر في الخيارات الجراحية، وقد يكون من المناسب تأجيل العملية الجراحية إلى حين تحقيق الاستقرار النفسي للمريض.
من الأهمية بمكان أن يتعاون الجراحون وأخصائيو الصحة النفسية في عملية الاستشارة والعلاج. يجب أن يتم تقديم معلومات شاملة للمرضى بشأن BDD وخيارات العلاج المتاحة، ويجب أن يتم استكشاف الأهداف والتوقعات الواقعية للمرضى من الجراحة التجميلية. يجب أن يتم تقديم الدعم العاطفي والنفسي للمرضى على مدار عملية العلاج، ويمكن أن يساعد العمل الجماعي بين الجراحين وأخصائي الصحة النفسية في ضمان تجربة إيجابية للمرضى.
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
الفحص والتقييم:
تعد عمليات الفحص والتقييم الشاملة أمرًا حاسمًا في الجراحة التجميلية لتحديد المرضى الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسمي الأساسي (BDD). يتعين على جراحي التجميل أن يكونوا حذرين وملتزمين بتقديم الرعاية المناسبة لهؤلاء المرضى الذين يعانون من اضطراب نفسي.
- التقييمات النفسية: تلعب دورًا حيويًا في تحديد المرضى الذين يعانون من BDD والذين قد يكونون غير مناسبين لإجراءات التجميل التقليدية. يجب أن يتم تقييم الأعراض المرتبطة بـ BDD وتأثيرها على الحياة اليومية والصحة العقلية للمريض. يساعد التقييم النفسي في تحديد ما إذا كانت الجراحة التجميلية هي الخيار الأنسب أم إذا كان هناك حاجة للعلاج النفسي الأولي لتحسين حالة المريض وتغيير الصورة السلبية للجسم.
- التواصل الفعال: يعد التواصل بين جراحي التجميل والمرضى يعد دورًا حيويًا في ضمان اتخاذ قرارات مستنيرة. يجب أن يتم توفير وقت كافٍ للمرضى لمناقشة مخاوفهم وتوقعاتهم من الجراحة. ينبغي على جراحي التجميل أن يكونوا مستعدين للاستماع بعناية إلى المشاعر والمخاوف.
- التوقعات غير الواقعية: عادًة ما تكون التوقعات التي لدى المرضى المصابين بـ BDD غير واقعية. يمكن أن يساعد التواصل الفعال في توفير التوجيه والتوعية للمرضى بشأن الجراحات الممكنة والنتائج المتوقعة والبدائل المحتملة.
- الرعاية: ينبغي أن يتم الاعتناء بالمرضى الذين يعانون من BDD من خلال استشارات مع المتخصصين في الصحة العقلية. يمكن أن يقدم أخصائيو الصحة العقلية الدعم النفسي والعلاج اللازم للمرضى للتعامل مع مشاكلهم النفسية والعاطفية المرتبطة بالتشوه الجسدي المنصور. تعتبر العلاجات المعرفية-السلوكية والعلاج النفسي الاجتماعي والعلاج الدوائي بعضًا من العلاجات الشائعة التي يمكن استخدامها لمعالجة BDD.
يهدف العمل المشترك بين جراحي التجميل والمتخصصين في الصحة العقلية إلى تقديم رعاية شاملة ومتكاملة للمرضى الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسمي. يساعد هذا النهج في تحقيق نتائج أفضل وتحسين رضا المرضى ورفاهيتهم العامة. يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسمي الأساسي أن يبحثوا عن جراحي التجميل ذوي الخبرة والتأهيل اللازمين للتعامل مع حالتهم بشكل صحيح. ينبغي أن يكون لديهم خبرة في التشخيص والتقييم النفسي لمثل هذه الحالات وأن يعملوا بشكل وثيق مع فريق متعدد التخصصات لتوفير الرعاية المثلى للمرضى.
يتطلب علاج ورعاية المرضى الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسمي الأساسي نهجًا شاملاً يجمع بين العناية الجراحية والتقييم النفسي والدعم النفسي. من خلال توفير هذه الرعاية المتكاملة، يمكن تحسين جودة حياة المرضى وتعزيز رفاهيتهم العامة.
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
الاعتبارات الأخلاقية والممارسات المسؤولة:
تعد الاعتبارات الأخلاقية والممارسات المسؤولة جزءًا هامًا من الجراحة التجميلية عند التعامل مع الأفراد الذين يعانون من اضطراب تشوه الجسم. فيما يلي بعض النقاط التي يجب أن يأخذها جراحو التجميل في الاعتبار:
- تثقيف المريض: يجب على الجراح أن يقدم معلومات شاملة ودقيقة للمريض بشأن الإجراءات المتاحة والمتوقعة والنتائج المحتملة والمخاطر والمضاعفات المحتملة. يجب أن يكون المريض على دراية تامة بالخيارات المتاحة له وأن يكون قادرًا على اتخاذ قرار مستنير.
- إدارة التوقعات: يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الرضا لدى المرضى وتجنب خيبة الأمل. يجب أن يكون الجراح واضحًا بشأن النتائج المتوقعة للجراحة وأن يوضح المراحل الزمنية المحتملة للشفاء والتعافي.
- توفير علاجات بديلة أو استشارات: في حالة عدم مناسبة إجراء الجراحة التجميلية للمريض الذي يعاني من اضطراب تشوه الجسم، يجب على الجراح أن يكون قادرًا على تقديم خيارات بديلة غير جراحية أو توجيه المريض إلى المتخصصين الآخرين الذين قد يكونوا قادرين على تقديم العلاج المناسب.
- التعاون مع فريق متعدد التخصصات: ينبغي أن يتم العمل بشكل وثيق مع فريق متعدد التخصصات المكون من أخصائيين نفسيين واجتماعيين وطيبين. يساعد هذا التعاون في تحقيق رعاية متكاملة وشاملة للمرضى الذين يعانون من اضطراب تشوه الجسم. يضمن هذا التعاون تقديم الدعم الشامل للمرضى وتلبية احتياجاتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية. بالتالي، يساعد على تحقيق نتائج أفضل وتقديم الرعاية الشاملة والمتكاملة للمرضى.
- الخصوصية وسرية المعلومات: يجب أن يتم التعامل مع معلومات المريض بسرية تامة وفقًا للمعايير الأخلاقية والقوانين المعمول بها. يجب أن يتم التعامل مع المريض بشكل احترافي واحترام تام لخصوصيته.
اقرأ أيضًا: الأخلاق في الطب التجميلي: حماية المرضى وتعزيز الموافقة المستنيرة
في النهاية، يمثل التعامل مع العلاقة المعقدة بين الجراحة التجميلية واضطراب تشوه الجسم تحديًا هامًا في مجال الطب والعلاج. تقدم الجراحة التجميلية فرصة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب تشوه الجسم للتحسين الجسدي والنفسي، وتعزز الثقة بالنفس والرفاهية العامة. ومع ذلك، يجب أن نولي اهتمامًا كبيرًا للجوانب النفسية والاجتماعية المرتبطة بهذه العمليات.
المراجع
Evans, Julie Ryan. “Body Dysmorphic Disorder: Symptoms, Treatment & More.” Healthline, Healthline Media, 10 Oct. 2017, https://www.healthline.com/health/body-dysmorphic-disorder.
“Healthy Beauty: Skin, Hair, Nails, Anti-Aging, and Cosmetic Surgery Tips.” WebMD, https://www.facebook.com/WebMD, https://www.webmd.com/beauty/features/is-plastic-surgery-right-for-you. Accessed 14 Oct. 2023.
Raypole, Crystal. “Cognitive Behavioral Therapy: What Is It and Who Can It Help?” Healthline, Healthline Media, 26 June 2019, https://www.healthline.com/health/cognitive-behavioral-therapy.
“What Is Body Dysmorphia?” WebMD, WebMD, 2AD, https://www.webmd.com/mental-health/mental-health-body-dysmorphic-disorder.