خياطة الجروح التجميلية
تشتمل معظم العمليات التجميلية الجراحية مثل شفط الدهون أو عملية تجميل الأذن أو شد الوجه والرقبة أو تخسيس الذراعين وغيرها على إحداث شق جراحي كخطوة أساسية لبداية العملية، وبعد أن يتم الجراح الإجراء المطلوب يتوجب عليه إعادة غلق هذا الجرح. وذلك لأن الجلد هو الطبقة الحامية الأولى لجسم الإنسان ويصنف في علوم الطب كجزء أصيل من الجهاز المناعي، فإذا لم يغلق الجرح بطريقة سليمة، سيعرضك ذلك إلى احتمال كبير للإصابة بالعدوى وحدوث الكثير من المضاعفات. ونظراً لأهمية الأمر وخطورته، ظهرت الأنواع المتعددة من الخيوط وتعددت التقنيات المستخدمة في الخياطة التجميلية للجروح. يتميز كل نوع من تلك الخيوط بخواص معينة تجعله النوع الأنسب في أشكال معينة من الجروح أو مناطق معينة من الجسم أو لتأدية وظيفة محددة في العملية.
سوف نتعرف في مقال اليوم على تلك التقنيات المختلفة من خياطة الجروح التجميلية، وعن أنواع تلك الخيوط المستخدمة والخواص الفريدة لكل منها، كذلك على المدة الكافية التي يمكنك بعدها إزالة وفك الغرز.
اقرأ أيضاً
كريمات تساعد على التئام الجروح
كريم املا المخدر الموضعي واستخداماته
الخياطة التجميلية للجروح - نظرة عبر التاريخ
استعمل الأطباء الخيوط الجراحية لمدة لا تقل عن 4000 عام. حيث أشارت الآثار المصرية القديمة إلى أن المصريين القدماء استخدموا الكتان وأوتار الحيوانات لخياطة الجروح. وفي الهند القديمة، استخدم الأطباء رؤوس الخنافس والنمل ليحكموا إغلاق الجروح، وكذلك استخدمت بعض المواد مثل الحرير والكتان والقطن والأعشاب وأمعاء الحيوانات لذات الغرض.
وعلى الرغم من انتشار هذه التقنيات البدائية من الخياطة ونجاحها في إغلاق الجروح وإيقاف النزيف، إلا أن المشكلة كانت إصابة الجرح بالعدوى في أغلب الحالات، الأمر الذي أودى بحياة الكثيرين. ولهذا السبب فضل بعض الأطباء أن يتبعوا طريقة كي الجرح، الأمر الذي كان يسبب ألماً مبرحاً، إلا أنه كان خياراً أفضل من أن يعرض حياة المريض إلى الخطر.
ثم أتى اكتشاف العالم الإنجليزي "جوزف ليستر" لبعض تقنيات التعقيم والتطهير عام 1860 ليشكل تقدماً عظيماً في مجال الجراحة، حيث نقع ليستر أمعاء القطط في مادة كيميائية "الفينول" وهي مادة مطهرة وتستخدم في التعقيم حتى الآن. وفي بدايات القرن العشرين، أكمل الجراحون الألمان ما بدأه العالم ليستر حيث ساهمت متابعة التجارب والدراسات العلمية على أمعاء القطط في إنتاج أول خيوط جراحية تامة التعقيم.
وفي عام 1960، ومع تقدم العلوم، استطاع الكيميائيون تطوير خيوط صناعية من البوليمرات الكيميائية (بولي جليكوليك وبولي جلاكتيك)، هذه الخيوط تتمتع بخاصية فريدة وهي قابلية الجسم على إذابتها وامتصاصها بواسطة الأنزيمات الطبيعية.
وأخيراً بدأت هيئة الغذاء والدواء (FDA) عام 1970 بوضع معايير واشتراطات خاصة لقبول هذه الخيوط، وانتشرت بعدها الشركات المصنعة، وصارت هذه الخيوط هي الأساس لإجراء أي خياطة تجميلية للجروح.
اقرأ أيضا: تكلفة ازالة اثار الجروح بالليزر
أنواع الخيوط الجراحية
يمكن تقسيم الخيوط المستخدمة في الخياطة التجميلية للجروح بعدة طرق، فيما يلي، سنعرض بعضاً من أشهر هذه الطرق.
التصنيف بحسب تركيب الخيط
- الخيوط الأحادية: حيث تتكون من خيط واحد فقط. ميزة هذا النوع أنه قادر على اختراق الأنسجة بدرجة أكبر.
- الخيوط المضفرة: وتتكون من عدة خيوط متداخلة كالضفيرة مما يعطي درجة أمانٍ أعلى في خياطة الجروح التجميلية لكنه يزيد من فرص الإصابة بالعدوى.
التصنيف بحسب قابليتها للامتصاص
تصنف الخيوط المستعملة في خياطة الجروح التجميلية بحسب قابليتها للامتصاص إلى نوعين رئيسين:
- خيوط قابلة للامتصاص: وهي الخيوط التي لن تحتاج إلى إزالتها من قبل الجراح وذلك لمقدرة الأنزيمات المتواجدة في أنسجة الجسم على تحليلها وإذابتها بشكل طبيعي.
- خيوط غير قابلة للامتصاص: لا يمتلك الجسم آليات يمكنها إذابة هذا النوع من الخيوط، وتستلزم إزالتها وجود إشراف طبي.
هناك تصنيف آخر يقسم الخيوط إلى طبيعية و مصنعة، لكن عند الاستخدام فإن كلا النوعين يتم تعقيمه. بعد أن عرفنا بعض أنواع التصنيفات التي تعتمد على صفات الخيط نفسه، ننتقل الآن للتعرف على التصنيفات التي تعتمد على استخدام الخيط أو الغرض منه.
أنواع الخيوط القابلة للامتصاص
- خيوط الأحشاء: هي خيوط أحادية طبيعية تستخدم لمعالجة جروح الأنسجة الرخوة (الأمعاء والمعدة والأحشاء الأخرى…)، لكنها لا تستخدم في جراحات القلب والأعصاب نظراً لأنها قد تتفاعل مع الجسم بشكل غير طبيعي. وعادةً ما تستخدم هذه الخيوط في جراحات أمراض النساء.
- بولي دايوكسانون: خيوط أحادية صناعية تستخدم في خياطة العديد من الأنسجة الرخوة كما أنها يمكن استخدامها في جراحات القلب في الأطفال.
- بولي جليكابرون (خيوط المونوكريل): وهي شبيهة بالنوع السابق إلا أنها تستخدم أيضاً في خياطة الجروح التجميلية على البشرة؛ لأنها تمتص ولا تترك أثراً واضحاً. لا ينبغي أن يستخدم هذا النوع في الخياطة الجراحية للقلب والجهاز الدوري أو الجهاز العصبي.
- بولي جلاكتن (خيوط الفيكريل): خيوط صناعية مضفرة مناسبة لعمل خياطة تجميلية للجروح خاصة في الوجه واليدين، ولا ينبغي استخدامها في جراحات القلب والأعصاب.
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
أنواع الخيوط الغير قابلة للامتصاص
يمكن استعمال هذا النوع في كافة أنواع الخياطة التجميلية للجروح، إلا أن ما يميز هذه الأنواع أنه يمكن استخدامها في جراحات القلب والأعصاب. وفيما يلي أمثلة لهذه الخيوط:
- النايلون: خيوط أحادية طبيعية التركيب.
- بولي بروبيلين (خيوط البرولين): خيوط أحادية صناعية.
- الحرير: من النوع المضفر للخيوط الطبيعية.
- بولي إستر: من النوع المضفر الصناعي.
هناك تصنيف آخر يعنى بشكل الإبرة المستعملة، وهذا التصنيف هو تصنيف هام حيث يختار الطبيب نوع الإبرة المناسبة للإجراء الجراحي المتخذ والمنطقة المراد خياطتها:
- إبر قاطعة (cutting): تتميز هذه الإبرة بوجود ثلاث حواف حادة. دائماً ما يرمز لهذا النوع بشكل المثلث. يسهل هذا الرأس القاطع مهمة الجراح عند العمل على الأنسجة المتلاحمة عالية التحمل مثل الصُّلبة (الغشاء الخارجي للعين)، أو الجلد، أو الأوتار.
- إبر مستديرة (round): إبر دائرية بدون حواف حادة قاطعة. ويرمز لها عادة برمز الدائرة. تخترق هذه الإبرة الأنسجة وتثقبها من غير قطع لها. يستعمل هذا النوع في خياطة الأوعية الدموية وأنسجة الجهاز الهضمي والأنسجة الحساسة.
- الإبر الرابطة: تستعمل لربط الأنسجة الكبدية أو الأنسجة الكلوية.
هل يوجد فرق بين الغرز والخيوط؟
في الحقيقة ليس هنالك فرق، لكن ينبغي أن تعرف أن الخيوط هي الأداة التي يستخدمها الجراح، بينما يقصد بالغرز الطريقة التي يستخدمها الجراح لإغلاق الجروح.
إزالة الخيوط
يختلف توقيت إزالة الخيوط باختلاف العضو المعالج. وبحسب توصيات العامة للمواقع الموثوقة فإن التوقيتات هي كالتالي:
- فروة الرأس: أسبوع إلى 10 أيام.
- الوجه: 3 إلى 5 أيام.
- الصدر أو الجذع: 10 أيام إلى أسبوعين.
- الذراع: أسبوع إلى 10 أيام.
- الرجل: 10 أيام إلى أسبوعين
- الكف أو القدم: 10 أيام إلى أسبوعين.
- راحة الكف أو باطن القدم: أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وتبدأ عملية إزالة الخيط بقيام الطبيب بتعقيم المنطقة جيداً، ثم يقص إحدى نهايتي الخيط، وبعدها يبدأ بسحب الخيط ببطء.
هل تعتبر إزالة الغرز في المنزل فكرة سديدة؟
بشكل عام، لا ننصحك بمحاولة القيام بذلك. يضمن لك ذهابك إلى الطبيب لإجراء عملية فك الغرز الجراحية المزيد من الأمان، حيث يفحص الطبيب الجرح جيداً للتأكد من خلوه من أي علامات تدل على الإصابة بالعدوى البكتيرية مثل تكون صديد أو عدم التئام الجرح بصورة سليمة وصحية وخلال الفترة الزمنية المناسبة.
لكن في الحقيقة، وعلى الرغم من ذلك، يمكنك فعل ذلك فالأمر ليس بذلك التعقيد، لكن احرص على استشارة الطبيب منذ البداية ليعطيك أفضل التوجيهات المناسبة والخاصة بحالتك والتي ستساعدك على تجنب ترك علامات أو ندبات مكان الخياطة.
تذكر إن فك الغرز قبل الوقت المناسب قد يؤدي إلى عدم التئام الجرح بشكل كامل، ويعرضك للإصابة بالعدوى. تأكد قبل البدء بفك الغرز من امتلاكك لجميع الأدوات اللازمة: مقصاً حاداً، ملقاطاً، كحول للتطهير، قطن، ولاصقات الجروح.
توجيهات ما بعد إزالة الغرز
حافظ على المنطقة نظيفة وجافة وتجنب تعريضها لأي مصادر تلوث كالأتربة وغيرها. حاول ألا تعرض الجرح إلى أشعة الشمس المباشرة، وذلك لأن الجلد في تلك المنطقة يكون حساساً جداً حينئذ، وكذلك لتجنب إطالة فترة الالتئام. فيجب تنظيف الجرح باستمرار وازاله أي اوساخ تجمعت عليه.
يوصي بعض الأطباء بدهان المراهم المحتوية على فيتامين هـ، وذلك لامتلاكه خواصاً تدعم التئام الجروح بصورة أسرع والمساعدة في تجنب الندبات.
يجب وضع ضماده علي الجرح بعد فك الغرز واذا ابتلت بالماء يجب تغييرها فورا.
اخبار الطبيب فورا اذا شعرت بالم حاد مكان الجرح أو ظهرت أي علامات التهاب عليه. و تواصل مع طبيبك مباشرة إذا أحسست بارتفاع في درجة الحرارة أو لاحظت احمراراً شديداً أو تورماً أو نزيفاً من الجرح.
اقرأ أيضا: تجربتي مع الخياطة التجميلية بعد الولادة
احصل على السعر المناسب لك لهذه العملية
اختيار الخيط والتقنيات المستخدمة في خياطة الجروح التجميلية
تخضع الخيوط الجراحية لمقياس خاص يعبر عن قطر الخيط. كلما كبر الرقم، كلما صغر قطر الخيط. تتصل الخيوط الجراحية بالإبرة، التي تختلف أنواعها واستخداماتها كما ذكرنا سابقاً.
وكما أن هنالك العديد من الأنواع للإبر والخيوط المستخدمة، فإنه هنالك العديد من الأساليب المتبعة من قبل الجراحين، وهذا ما سنوضحه الآن.
الغرز المتتابعة
يتضمن هذا الأسلوب من الخياطة عمل سلسلة متتابعة من الغرز ويكون ذلك باستعمال خيط واحد. يتميز هذا الأسلوب بسلاسة تطبيقه وانتهاء عملية الخياطة في وقت قصير، ويتميز أيضاً بإحكامه الشديد؛ حيث يوزع الضغط بشكل متساوٍ على الغرز.
الغرز المتقطعة
يلجأ الجراح في هذا الأسلوب إلى استعمال عدد من الخيوط في ذات الوقت لتقطيب الجرح. وبعد الانتهاء من الغرز يربط الطبيب الجرح بإحكام، ثم يقطع ما تبقى من الخيط. يولد اتباع هذا الأسلوب نتيجة في غاية الإحكام والقوة، حيث تضمن الغرز عدم فتح الجرح مجدداً حتى في حال إنفكاك إحدى الغرز.
الغرز العميقة
يستخدم هذا الأسلوب لتقطيب الجروح في الطبقات الداخلية من البشرة، مثل حالات الخياطة التجميلية للجروح في الوجه. ينتهج الجراح أحد الأسلوبين السابقين (إما المتتابع أو المتقطع) تحت الجلد بشكل خفي غير ظاهر للعين.
الغرز المدفونة
باستعمال هذا الأسلوب، يخيط الطبيب الجرح من الداخل. يقدم هذا النوع دعماً كبيراً للجروح ويسرع بشكل فعال من عملية الاستشفاء، وذلك لنجاحه في تقريب حافتي الجرح لأقرب وضع ممكن. يمكنك فهم هذا الأسلوب بشكل أوضح عبر مشاهدتك لهذا الفيديو:
لن تحتاج إلى إزالة هذا النوع من الخيوط تحت الظروف الطبيعية، ويستعمل بشكل فعال في الأنسجة الداخلية للجسم.
ستيري ستريب؟ بديل الخيوط الجراحية؟
ظهرت تقنية جديدة لتقطيب الجروح بدون الاعتماد على الخيوط الجراحية المستعملة في خياطة الجروح التجميلية، ألا وهي استخدام "ستيري سترب" الجديدة.
ستيري ستريب هي قطع صغيرة من الأشرطة التي تلتصق بسهولة وبإحكام على الجلد، وتستعمل في تقطيب الجروح السطحية، حيث تعمل على المحافظة على تقارب حافتي الجلد حتى يلتئم الجرح.
بإمكانك مشاهدة هذا الفيديو لتصور هذه التقنية المبتكرة بشكل أوضح:
اقرأ أيضاً: